دير “سيدة النجاة” الشرفة للسريان

مقدمة

كان للسريان أديار جمّة في قمم جبال لبنان و سواحله، وأريافه. حفظت لنا الصحف السريانيّة الثمينة، أسماء بعضها. نذكر منها:

1- دير الحدث في الجبّة.

2- دير ربولا السميساطي.

3- دير القديسة مطرونا.

4- دير العمودي. وهذه الاديار الثلاثة ابتناها الرهبان والراهبات السريان في ضواحي بيروت منذ القرن الخامس.

5- دير الفلسفة الحقيقيّة في طرابلس.

6- دير مار سركيس في حردين.

7- دير مار يعقوب في اهدن.

8- دير مار جرجس في حدشيت.

9- دير مار أفرام الرغم في الشبانيّة عام 1708.

10- دير العذراء المحزونة في زوق مصبح 1769.

 

وعام 1786 أسس البطريرك مار أغناطيوس ميخائيل الثالث جروة دير سيدة النجاة في شرفة درعون.

 

 

قدوم البطريرك ميخائيل جروة إلى لبنان عام 1784 ومساعدة سيدة النجاة له

غادر البطريرك جروة مدينة ماردين، هاربا من الاضطهاد الذي لاقاه بعد أنتخابه بطريركا. فمرا بطريقه، في بلاد العراق، ثم سوريا، إلى أن قادته العناية الإلهية إلى قرية بيت شباب الواقعة في لبنان. وكان ذلك في ليلة عيد الفصح سنة 1784. ثم ما لبث أن حدثت فتنة في تلك المنطقة بين والي صيدا احمد الجزار وبين الامير يوسف شهاب المتولي على الجبل. فاضطر البطريرك إلى الذهاب مع رفاقه للاختباء في دير مار انطونيوس النبع. وفي هذه الفترة التقى بالمطران نعمة الله الصدي الذي كان من اصدق المطارنة ولاء للبطريرك.

 

 

انتقال البطريرك إلى كسروان

قام البطاركة المقيمين في لبنان، بمراسلة البطريرك ميخائيل جروة على اثر انضمامه الى الكنيسة الكاثوليكيّة الجامعة. وهنأوه باتحاده معهم في الشركة المقدّسة مع خليفة القديس بطرس بابا روما. وتضم محفوظات دير الشرفة عددًا لا بأس به من تلك الرسائل التي تعبّر عن محبتهم الاخوية له.

أمّا لماذا لم يذهب إلى دير مار أفرام الرغم الذي كان يتواجد فيه الرهبان السريان فيخبرنا البطريرك جروة قائلا: ” لأنّه بعيد وليس في جواره كاثوليك وهو مقر رهبان فالدير البطريركي لا ينتظم بمساكنة الرهبان”[1].

 

استئجار محل الشرفة

رأى البطريرك ميخائيل جروة أن مركز الشرفة موافقٌ لما نواه فاستأجر تلك الحجرة ومكث فيها سنتين وهي التي أضحت فيما بعد كابيلا دير الشرفة، التي تحوي على أيقونة سيدة النجاة التي كان قد اشتراها خلال زيارته للحج في الاراضي المقدّسة. وهي التي انقذته خلال ترحاله. وهو من أطلق على الأيقونة هذا الاسم.

بعد أن أستقر البطريرك جروة في مقرّه الجديد، أخذ يرسل تلامذة الكنيسة السريانيّة إلى مدينة روما ليتابعوا دروسهم اللاهوتيّة في إكليريكية البروبغندا.

[1]  أرملة اسحاق، تاريخ دير الشرفة، لبنان 1946، 43.

 

 

أصل دير الشرفة

كانت قمّة الشرفة المطلة على قريّة درعون وحريصا تخص مشايخ أل خازن. وقد باعوها عام 1754 إلى القس يوسف مارون الطرابلسي بشرط أن يبني مدرسة يعلّم فيها اللغة السريانيّة والعربية والاصول الدينيّة. وقد اشترى البطريرك جروة دير الشرفة عام [1]1786.

جاء في سينودس الشرفة عام 1853 ما يلي:” إنّ مدرسة ديرالشرفة هي المدرسة العموميّة لكلّ الأبرشيّات، ولا تتغيّر أو تنتقل من الديّر المذكور وأمر تدبيرها وإدارتها هو بوجهٍ أوّل يخصّ السيّد البطريرك، ويجب أن يرسم عليها أسقف لأجل ملاحظتها ونجاحها ولأجل منح  الدرجات لكافة التلاميذ المتأهبين من سائر الأبرشيات حتى الدرجة الشماسيّة الانجيليّة، أمّا درجة الكهنوت فيجب على أسقف الديّر أن يحصل على اذن صريح من مطران التلميذ لكي يمنحه إياها” [2]

ومن الجدير بالذكر أن في ذلك الزمان كان يتوجب على كلّ أبرشية أن ترسل للمدرسة عدد محددا من التلاميذ حسب حجم الابرشية كبيرا كان أو صغيرا. على ألاّ يزيد عدد الطلاب عن الواحد والعشرين إلاّ بإذن صريح من البطريرك.

[1]  أرملة اسحاق، تاريخ دير الشرفة، لبنان 1946، 58.

[2] Jihad Battah, Due sinodi della Chiesa siro –cattolica: Sinodo di Sciarfé (1853-1866), CEDRAC-FSR (USJ), Beirut 2011, 293-297.